بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
------
قالوا بأن الفتنة من بيت عائشة
قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال : (( ههنا الفتنة ، ههنا الفتنة ، ههنا الفتنة ، من حيث يطلع قرن الشيطان )) .
- الرد :
- أولاً : وهذا الحديث لا غبار عليه ، وورد في كتاب الوصايا وفرض الخمس من صحيح البخاري ، وليس في هذا الحديث ما يدين عائشة رضي الله عنها .
- ثانياً :مقصود الحديث أن منشأ الفتن من جهة المشرق وكذا وقع كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري [6] ( المعتزلة – القدرية – الخوارج – الرفض والتشيع – الجهمية –وغيرهم كثير ).
- والذي يتسنى له زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يلاحظ أن حجرة عائشة رضي الله عنها ، حيث دفن النبي صلى الله عليه وسلم تقع شرقي المنبر ، لا تفصله عنها سوى الروضة الشريفة .
- ثالثاً : ويبدو واضحاً من خلال أطراف الحديث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد أهل المشرق ، ولم يقصد عائشة رضي الله عنها بسوء ومن جمع طرق الحديث تبين له ذلك جيدا. والحديث رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، وأطرافه في فرض الخمس رقمه في فتح الباري ( 2873 ) والجمعة ( 979 ) والمناقب ( 3249) والطلاق ( 4885 ) والفتن ( 6563 ) و ( 6564 ) و (6565 ) [7] .
- رابعاً : أما قولهم أشار إلى بيت عائشة فهذا كذب وزور وبهتان ، فلم يرد في طرق الحديث أشار إلى بيت عائشة وإنما نحو بيت عائشة ، وجاء في رواية عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشـير إلى المشرق فقال : (( إن الفتنـة هاهنـا ، إن الفتنـة هاهنـا ، من حيث يطلع قرن الشيطان )) أو قال (( قرن الشمس )) [8] .
- وفي رواية أخرى قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : (( اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا )) قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا ، قال : (( اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا )) قالوا : يا رسول الله ، وفي نجدنا ، فأظنه قال في الثالثة : (( هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان )) .
- قال الخطابي :" نجد من جهة المشرق ومن كان بالمدينة كان نجده بادية الفرق ونواحيها وهي مشرق أهل المدينة ، وأصل النجد ما ارتفع من الأرض ، وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها ، وتهامة كلها من الغور ومكة من تهامة " [9] .
- وعن سالم بن عبد الله بن عمر أنه قال :" يا أهل العراق ! ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول :" سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إن الفتنة تجيء من ههنا وأومأ بيده نحو المشرق من حيث يطلع قرنا للشيطان " البخاري 7094.
- خامساً : هذا طعن بالنبي – صلى الله عليه وسلم – فبيت عائشة هو بيت النبي – صلى الله عليه وسلم - وبه دفن .
- اختيار النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يمرض في بيتها ، وكانت وفاته بين سحرها ونحرها ، وفي يومها وفي بيتها ، واجتمع ريق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بريقها في آخر أنفاسه :
- قال أبو الوفا بن عقيل رحمه الله :" انظر كيف اختار لمرضه بيت البنت ، واختار لموضعه من الصلاة الأب ، فما هذه الغفلة المستحوذة على قلوب الرافضة ، عن هذا الفضل والمنزلة التي لا تكاد تخفى عن البهيم فضلا عن الناطق " استدراكات عائشة على الصحابة ص 30 .
- مسلم (418) من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت : " أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة ، وكان يقول : أين أنا غداً ؟ فاستأذن أزواجه أن يمرض في بيتها وأذنّ له ، فكان في بيتي حتى مات في اليوم الذي يدور عليّ فيه "
- البخاري :عن عائشة قالت : " إن من نعم الله عليّ أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – توفي في بيتي ، وفي يومي ، وبين سحري ونحري ، وأن جمع بين ريقي وريقه عند الموت دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي- صلى الله عليه وسلم - وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به فأبده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصره فأخذت السواك فقصمته ونفضته وطيبته ثم دفعته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستن به فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استن استنانا قط أحسن منه فما عدا أن فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع يده أو إصبعه ثم قال في الرفيق الأعلى ثلاثا ثم قضى وكانت تقول مات بين حاقنتي وذاقنتي " .
أبو عبدالعزيز سعود الزمانان -----------
[6] - ابن حجر : فتح الباري 6 / 420 .
[7] - انظر فتح الباري 6 / 420 وما بعدها و 13 / 58 .
[8] - أخرجه البخاري في بدء الخلق والفتن وأشراط الساعة ، والترمذي في الفتن والمناقب ، واحمد في المسند . قرن الشمس : قال الداودي : للشمس قرن حقيقة ،ويحتمل أن يريد بالقرن قوة الشيطان وما يستعين به على الإضلال ، وقيل إن الشيطان يقرن رأسه بالشمس عند طلوعها ليقع سجود عبدتها له . وقيل : ويحتمل أن يكون للشمس شيطان تطلع الشمس بين قرنيه . ابن حجر : فتح الباري ، 13 / 58 .
[9] -ابن حجر : فتح الباري 13 / 58 .