شبهة في اية : وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً ... [الرعد : 3]

منذ بداية التحدي بالقرآن الكريم، أخذ أعداء الإسلام يوجهون سهامهم إلى المحتوى المعجز للقرآن الكريم، محاولين النيل من هيبته في نفوس المؤمنين به ـ ومن يفكر في الإيمان به ـ بشتى الطرق.

وقد كان محتوى القرآن الكريم ـ سبب عزة الأمة العربية الإسلامية ونهضتها ـ شوكة في حلق كل من تسول له نفسه التشكيك بإلهية مصدره، وتميز أسلوبه.. فكان ـ ومازال وسيبقى ـ الكتاب السماوي الوحيد الذي يحمل دليل صدقه بين دفتيه.

فمن رحمة الله تعالى بالناس أن كان الشاهد على ربانية مصدر القرآن الكريم دليلاً معجزاً دائماً متجدداً بتجدد الحياة، وتطور معارف الناس وأنماط تفكيرهم، وأدوات بحثهم. ولم يجعله معجزة مؤقتة لعصر من العصور، وجيل محدود من الأجيال، وفي هذا كمال العدل، وكمال الحكمة..

الان الى الشبهة:

يقول الله تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) [الرعد : 3]
ويقول تعالى أيضاً: ( خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ) [الرعد : 2]

ويقول تعالى: ( وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ )(3)

ويقول تعالى: ( وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )(4)

ويقول تعالى: ( وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ )(5)

محتوى الشبهة:

>----------------------------------------<

- الآيات التي ورد ذكرها أعلاه تقول عن الأرض: طحاها، مدت، مددناها، سطحت، مهاداً. وكل هذه المفردات تصف الأرض أنها منبسطة ومستوية. والعلم يقول أنها ليست منبسطة ولا مستوية. !!!

- قال البيضاوي تفسيراً لآية الأنبياء ( أن تميد بهم ) كراهة أن تميد بهم وتضطرب وقال تفسيراً لآية الرعد (وهو الذي مد الأرض) بسطها طولاً وعرضاً لتثبت عليها الأقدام ويتقلب عليها الحيوان وأجمل !!!

- وقيل ايضا لما خلق الله الأرض جعلت تمور فقالت الملائكة ما هي بمقر أحد على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال

ونحن نسأل: إذا كان واضحا أن الأرض تدور حول نفسها مرة كل أربع وعشرين ساعة وينشأ عن تلك الحركة الليل والنهار, وتدور حول الشمس مرة كل سنة وينشأ عن ذلك دوران الفصول الأربعة فكيف تكون الأرض ممدودة مبسوطة ثابتة لا تتحرك وأن الجبال تمنعها عن أن تميد(س 2 ص 20 هل القرآن معصوم؟) !!!!

فملخص كلامهم :

أن القرآن الكريم يقول إن الأرض ثابتة لا تتحرك؛ وذلك لأنه فهم من قوله تعالى (أن تميد) أن تتحرك. 

>----------------------------------------<

الــــــــــــــرد في الأسفل

بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا و مولانا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.

أولا هذه الآيات الكريمة تتحدث عن حقائق قرآنية هي فى غاية الإعجاز للبشر :

فهي تتكلم عن مراحل خلق الأرض، وأن الأرض كانت غير مستقرة (تميد) بمن عليها، فلما خلق الجبال استقرت.

1 – دوران الأرض:

وهذا ما صرح به الحديث الشريف: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ rقَالَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ، جَعَلَتْ تَمِيدُ فَخَلَقَ الْجِبَالَ فَعَادَ بِهَا عَلَيْهَا، فَاسْتَقَرَّتْ.. ". رواه الترمذي في تفسير القرآن باب ومن سورة المعوذتين (3369)
والمقصود باستقرارها: عدم اضطرابها واهتزازها

فهي تخبر عن مد الأرض وبسطها حتى يسهل على البشر أن ينتفعوا بها ويعيشوا فيها ولو كانت الأرض جبالاً فقط أو صخوراً فقط أو رمالاً فقط ما استطاع الناس أن ينتفعوا بها وتخبر أيضاً عن جعل الجبال الرواسي فى الأرض وهذا أيضاً ممكن من الانتفاع بها ولولاها ما انتفع بها.

2 - . كروية الأرض:

مد الأرض وبسطها يقتضي تكويرها؛ لأن أي شكل هندسي آخر (مثلث، مربع، خماسي..) لابد أن يكون فيه انحناء عند الانتقال من ضلع إلى آخر..

كما أن في التعبير القرآني المعجز عن انبساط وامتداد الأرض التقاء للحقيقتين الحسية المشاهَدة، والعلمية:

فهي من حيث العين المبصرة: ممتدة ومنبسطة مما يسهل الحياة عليها.. فلو كانت ذات أي شكل هندسي غير الدائرة، لرأيت انحناءها وأنت واقف على أحد أضلاعها.

وهي من حيث الاكتشافات العلمية:دائرية، لأن الشكل الدائري يدل على بسطها. فالدائرة هي الشكل الهندسي الوحيد الذي يمكن أن تكون الأرض فيه ممدودة في كل نقطة تقف عليها منها

فمن تذليل الله تعالى للحياة على سطح الأرض تكويرها، فلولا كرويتها لاستحالت الحياة عليها. كما أن النعامة تدحي مكان عشها وتسويه لتجعله ميسراً ممهداً لوضع البيض، فلولا ذلك لكسر البيض.

ولا يُعقَل أن تبسط النعامة الأرض، فتصبح منبسطة كالمرآة، لتضع بيضها؛ وإلا سيتدحرج بعيداً، ولما استطاعت جمعه لحضنه، وما أمنت عليه من الأعين، وعاديات الزمان والمكان..

كيف وإن كانت النعامة تضع بيضها بالطول[مباهج الفكر ومناهج العبر، محمد بن إبراهيم الوطواط، تحقيق: د. عبد الرزاق الحربي، ص 287]ـ وذلك حتى يتوزع دفء الحَضْن على أكبر مساحة من بيضتها الأكبر بين البيوض ـ كل هذه الاعتبارات، تقتضي أن لا يكون عش النعامة سوى حفرة في الأرض..

ومن هنا يتبين أن النعامة تدحي ( تهيء ) الأرض الصلبة لاستقبال البيض فلا يتكسر عند وضعه، وتكون ملائمة لحفظه عن العيون وحَضنِهِ وعدم تدحرجه.. وما يكون ذلك إلا بضرب رجلها على الأرض الصلبة وتقعيرها إلى الداخل، صانعة العش.

ذلك العش الذي يبدو للناظر ـ غير المدقق ـ أنه مستوٍ وهو في الحقيقة متقعر نحو الأسفل. وهنا وجه الشبه بين الأرض والدحية..

ووجه شبه آخر: أن الأرض أيضاً قد دحاها ( هيأها ) الله Yللخليفة على الأرض، فهي حاضنته الرؤوم، الذي لولا تلك التهيئة لما استطاع العيش عليها.

إذاً: لو كان عش النعامة مستوٍ لما استطاعت حضن البيض، ولو باضت على الأرض الصلبة قبل ضربها برجلها جاعلةً منها تراباً ناعماً، لتكسر البيض...

كما لو كانت الأرض كلها مستوية مسطحة، لما أمكن للأرض أن تحتضن الماء على سطحها بأي شكل (بحار وأنهار وسيول...). ولو كانت الأرض صلدة بلا تراب، لما أنبتت المرعى..

صدق الله العظيم حيث يقول في سورة النازعات: " وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا " [النازعات : 30.31]

ومن الأدلة الأخرى على كروية الأرض في القرآن الكريم:

1. قوله تعالى: " خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ " [الزمر: 5].

تبين الآية الكريمة أن الليل والنهار خلقا على هيئة التكوير، وبما أن الليل والنهار وجدا على سطح الأرض معاً، فلا يمكن أن يكونا على هيئة التكوير، إلا إذا كانت الأرض نفسها كروية. [موسوعة الإعجاز العلمي، يوسف الحاج أحمد، ص230-233]

ولو أن البقعة التي يغطيها النهار لا تساوي في المساحة القطعة التي يغطيها الليل، لما شكلا معاً شكل كرة؛ بل الشرط الرفيع الفاصل بينهما سيكون على شكل هندسي آخر ـ بحسب مساحته على سطح الأرض ـ. وهنا التعبير المعجز الدقيق:" يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ "أي: نصف الكرة الأرضية نهار، والنصف الآخر ليل.

2. قوله تعالى: " وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الرعد: 3].

قال الرازي: " المد هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه، فقوله: " وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ ". يشعر بأنه تعالى جعل حجم الأرض حجماً عظيماً لا يقع البصر على منتهاه، لأن الأرض لو كانت أصغر حجما مما هي الآن عليه لما كمل الانتفاع به... والكرة إذا كانت في غاية الكبر، كان كل قطعة منها تشاهد كالسطح ".[ مفاتيح الغيب، الرازي 19/1.]

قول الإمام الرازي هذا، يبين استباط علماء المسلمين أن الأرض كروية، من خلال الآية الكريمة.

3. قوله تعالى: " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ " [الرعد: 41].وقوله: " أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ " [الأنبياء: 44].

وهذا ظاهر للذي يسير من وسط الأرض إلى أيٍّ من أطرافها، ولا يكون إلا في الشكل الكروي.

لمعرفة أقوال غيره من العلماء المسلمين في أدلة وجوب القول بكروية الأرض، انظر:

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

ثم إن هذا المدعي(صاحب الشبهة) يجهل قواعد اللغة العربية؛ لأنه لم يفهم معنى كلمة تميد ومعنى كلمة تميل فى كلام الإمام البيضاوي السابق, واختلط عليه معنى الحركة والاضطراب0 وهذا هو الذى لبس عليه الأمر؛ لجهله بلغة العرب وأخذ من كلام الإمام البيضاوي ذريعة لذلك؛ إذ إن الإمام نص فى تفسيره للآية على أن الجبال صارت أوتاداً تمنع الأرض عن الحركة ولم يرد مطلق الحركة وإنما أراد حركة مخصوصة وهى التى نص عليها فى أول تفسيره للآية حركة تكون بأدنى سبب للتحريك, فالجبال تثبت الأرض عن هذه الحركة ولكنها لم تثبتها عن مطلق الحركة والدوران الذى نص هو عليه حين قال: "وكان من حقها أن تتحرك بالاستدارة كالأفلاك"

قال الإمام الطاهر ابن عاشور فى تفسيره: "والميد" الاضطراب وضمير تميد عائد على الأرض"( التحرير والتنوير 14 /121 ، 17 / 67)، وقال صاحب اللسان: "وتضرب الشيء واضطرب تحرك وماج .."( لسان العرب 4/ 2565)، وقال أيضاً: "وماد الشيء يميد ميداً تحرك ومال"( السابق 6/ 4305)، وقال صاحب تاج العروس: "واضطرب الشيء تحرك وماج .... واضطرب أمره اختل"( تاج العروس 1/ 348)

وفهم من كلام المفسرين أن الجبال مثبتات لحركة دوران الأرض حتى لا تزيد ولا تنقص0 "وهذا المعنى الذي أشارت إليه الآية معنى غامض ولعل الله جعل نتوء الجبال على سطح الأرض معدلا لكرويتها بحيث لا تكون بحد من الملاسة يخفف حركتها فى الفضاء تخفيفاً يوجب شدة اضطرابها"( التحرير والتنوير 14 / 121)

ثانياً: هناك قضيتان قضية تحرك الأرض ودورانها وقضية بسط الأرض ومدها ولا علاقة بين كون الأرض مبسوطة ممدودة وبين تحركها ودورانها حول نفسها وحول الشمس, ولكن المدعى يحاول أن يشوش الفهم على الذين لا يدركون حقيقة اللغة ومعاني ألفاظها

فانظر كيف ترك المدعى مدلول الآيات الكريمة وما فيها من آيات كونية عظيمة مبهرة لبنى الإنسان إلى يوم القيامة؛ ليأتي لنا بالمعضلة الكبرى ويقول إن القرآن يدعى أن الأرض ثابتة لا تتحرك ولكن الهوى الذى اتبعوه صرفهم عن فهم هذا الكتاب العزيز ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) [فصلت : 42]

البيضاوي تفسير هذه الآيات بما فسر به النحل 16 : 15 فقال: (وألقى في الأرض رواسي) جبالاً رواسي (أن تميد بكم) كراهة أن تميد بكم وتضطرب؛ لأن الأرض قبل أن تخلق فيها الجبال كانت كرة خفيفة بسيطة الطبع وكان من حقها أن تتحرك بالاستدارة كالأفلاك أو أن تتحرك بأدنى سبب للتحريك فلما خلقت الجبال على وجهها تفاوتت جوانبها واتجهت الجبال بثقالها نحو المركز فصارت الأوتاد التى تمنعها عن الحركة

والحمد لله رب العالمين

» شبهة رافضية جديدة في آية : "إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" [الرعد : 7]
» رد شبهة البخاري معصوم
» رد شبهة : حك المعوذتين ...
» شبهة في حديث العــــــــــــــــــــدوى وردهــــــــــا
» شبهة طمع النبى بالغنائم